الحلقه
106
وضع احمد ذراعه على كتفي منى, وهو جالس بجانبها عل الاريكة في بيتها, فالتفتت اليه في تهديد.
منى: احمد, لو مبطلتش حركاتك دي, انا مش هعد جمبك تاني.
شدد قبضته عليها وهو يقول ممازحا.
احمد: تقدري؟.
منى: بجد يا احمد, شيل ايدك, بابا في البيت.
رفع احمد يده عن كتفيها في سرعة.
احمد: صحيح, وانا مش ناقص ما يطقنيش, كفاية يوم ما عرف ان مفيش سفر, وجينا نتكلم تاني, كان عايز ينفخني.
منى: بس اهو في الاخر وافق, على نفس مدة للخطوبة, بس متزيدش عن كده,الحمد لله, احنا كنا فين.
احمد: وانا هلحق اعمل ايه في سنة ونص هنا, على الاقل هناك, كنت هظبط حالي
وانتي تجيلي, ونبقى نعمل نفسنا هناك, هنا لازم اكون جاهز من كله, ربنا
يستر بقى.
قالت منى بهدوء تطمئنه.
منى: يا حبيبي انا معاك في كل حتة, حتى لو في مدغشقر, والي نعمله هناك
نعمله هنا, وبعدين انت ادعي ان تجيلك فرصة سفر تانية, يعني هي دي كانت اخر
فرصة, اكيد ربنا هيرزقك.
احمد: يـــــارب.
ترددت منى قليلا , ثم قالت.
منى: صحيح يا احمد, فكرتني بموضوع, كنت عايزة اكلمك فيه.
مرر كفه على وجهها في رقة, فارجعت هي رأسها للخلف في استياء.
منى: بس بقى يا احمد, انت متعرفش تعد كويس ابدا؟؟.
وضع كفيه بجانبه , وهو يقول في سخرية.
احمد: خلاص, اديا جمبي اهه ,مش هلمسك تاني,... انا مش عارف انتي مكبراها
ليه؟, يا حبيبة قلبي, انتي خطيبتي , يعني هتبقى مراتي, يعني عادي, انتي بس
الي مش بتحبيني عشان كده مش عايزاني اجي جمبك.
منى: ابدا يا احمد, والله بحبك, بس دا مالوش علاقة بالحب.
احمد: ازاي يعني؟, مش الي بيحب حد بيبقي عايز يلمسه ويحضنه ويفضل جمبه طول العمر.
منى: بس يا احمد كده حرام,.....انت ترضى حد يعمل لاختك كده؟, حتى لو كان خطيبها؟.
احمد: لأ طبعا.
منى: طيب, وانا مثلا مش زي اختك؟.
احمد: يا موني يا روح قلبي, انتي اختي وخطيبتي وحبيبتي ومراتي ان شاء الله, متقفليهاش علينا بقى احنا مش قاعدين في جامع.
تضايقت منى من حديثه الغير مبالي, وعدم تقديره لارادتها, بل وتصريحه انه
لايرضى لاخته مايرضاه لها, ولكنها آثرت الصمت حتى تحادثه في الموضوع الذي
يؤرقها.
منى: طيب اتلم بقى, واسكت وخلينا في موضوعنا.
لمس انفها باصبعه,مستمتعا بمضايقتها , وهي تعود برأسها بعيدا عن متناول يده,وهو يقول.
احمد: قولي يا حبي.
ترددت منى قليلا , قبل ان تستجمع شجاعتها وتقول.
منى: كلموني في المكتب امبارح, وقالولي ان ممكن اتدرب عنهم السنة دي كمان.
احمد: مكتب ايه؟.
منى: مكتب المحاسبة يا حبيبي الي كنت بتدرب فيه السنة الي فاتت.
بدأ احمد يفهم شيئا فشيئا, فاعتدل في جلسته, وبدأ يظهر على وجهه تعبير الاستنكار الذي تخشاه.
احمد: المكتب الي كنتي بتتدربي فيه مع وائل؟.
منى: لا يا احمد, انا مكنتش بتدرب مع وائل, وائل مش هناك في المكتب اصلا من زمان, وبعدين ايه المشكلة؟.
احمد: لا طبعا يا هانم, انتي بتستهبلي؟؟, وكمان جاية تسأليني, مكتب ايه
وزفت ايه, انتي لسه في الكلية , مالكيش شغل, ولزمته ايه اصلا ,عايزة ترجعي
تاني , ولا انتي خلاص هتموتي وتشوفي وائل.
انزعجت منى من طريقة تفكيره الذي انحصر في وائل,فقالت في دهشة.
منى: احمد, خد بالك من كلامك, اولا وائل مش هناك اصلا, ثانيا هو كتب كتابه خلاص, وبعدين انت مش واثق فيا ولا ايه؟.
احمد: انتي بقى بتجمعي اخباره, دي حاجة جميلة خالص خالص, ولما هو كتب كتابه عايزين ايه مننا بقى؟.
ردت بعصبية ونفاذ صبر.
منى: هما مين الي عايزين مننا؟, بقلك ايه يا احمد, المكتب كلمني وانا
عايزة انزل اشتغل انا زهقانة من قعدة البيت, سيبني اروح لحد الدراسة طيب,
ومش هكمل الشهر التاني, بالله عليك يا احمد توافق.
استشاط احمد غضبا.
احمد: ولما انتي مرتبة ومخططة كل حاجة, بتسأليني ليه يا هانم؟, ولا كأن
فيه قرطاس له كلمة عليكي, طيب ايه رأيك بقى, مفيش شغل خالص, لا هنا ولا
هنا ولا في اي حتة لغاية ما تخلصي الكلية دي خالص, انتي مش محتاجة اصلا,
كفاية عليكي سنة رابعة, ولما تبقي تخلصي تبقي تشتغلي, مش مزنوقة في فلوس
يعني, عايزة ترجعي تاني تشوفي وائل بقى والناس الي عارفينكو هناك.
قالت منى بغضب.
منى: احترم نفسك يا احمد, ومتزعقليش, انا اهلي عارفين انا ايه وبعمل ايه, وموافقين اني اروح.
احمد: الله ؟؟؟, كمان , طيب يعني انا ماليش لزمة بقى؟, دي حاجة حلوة خالص,
ولما انا ماليش لزمة مخطوبالي ليه ياهانم, طيب اقسم بالله العظيم لو فضلتي
تتكلمي في الموضوع تاني يا منى, لاكون انا في طريق وانتي في طريق , ايه
رأيك بقى؟؟؟.
منى: احمد؟, انت بتقول ايه؟.
احمد: الي سمعتيه, انا كنت عارف انك هتتعبيني وتطلعي روحي, بنكدك وقرفك,
بس انتي لو فاكرة انك هتمشي كلامك عليا تبقي غلطانة, انا محدش بيمشي كلامه
عليا, واتفضلي يا ست منى اختاري بقى, انا ولا الشغل بتاعك دا؟, اما اشوف
اخرتها معاكي.
وقام غاضبا وامسك بمفاتيحه وتليفونه المحمول بعصبية, واندفع خارجا من
البيت في ثورة , تاركا منى مصدومة كلية من رد فعله, وطريقة تصرفه.
*******************
راقبت رشا بتشف منى الجالسة وحدها من بعيد, وهمست في اذن نورا.
رشا: والله ماكانت جاية, بقلك متخانقين هي وهو, مبيتكلموش بقالهم يومين, منا لو كنت عارفة انها جاية كنت قولتلك.
نورا: امال ايه الي جابها؟, ناقصين قرف احنا.
رشا: وبعدين هو المفروض يسألني قبل ما يجيب حد عيد ميلادي, مش انا صاحبة العيد ميلاد.
نورا: هو قاصد يحرق دمي يعني.
ردت رشا وهي تتلفت بحثا عن اخيها .
رشا: لا داهو جايبها يحرق دمها هي باين, لانه مقعدش معاها دقيقتين على بعض , وسايبها من ساعة ما جابها.
في نفس الوقت جلست منى تفرك في يديها في غضب, واحمد مختف منذ ان وصلا, لقد
تشاجرا بعد رفضه عملها , وبعدها استجابت لرفضه على مضض, ولكنها اقسمت ان
تجعله يندم على معاملته لها بهذه الطريقة, فصارت تعامله ببرود, وبغضب ,
كرد فعل لما فعله, الا انه لم يعجبه الامر فاصبح يعاملها بلا مبالاة,
واستهزاء, وقلب المائدة على رأسها , حين واجهته بطريقة معاملته, رد بأنها
رد فعل طبيعي لما تفعله هي معه من مجادلة وعدم احترام له, فتشاجرا للمرة
الثانية, ولم يتحدثا الا حين كلمها هو يدعوها لحفل عيد مولد اخته, فوافقت
هي عسى ان يتصالحا, ولكن لايبدو الموقف مبشرا بخير, فلقد لاقت منه برودا
كبيرا منذ رأته, فبادلته البرود, فما كان منه الا ان تركها وحدها في
الحفل, تكاد تستشيط غضبا, وما ان استبد بها الغضب, اخرجت هاتفها لتتصل به,
فسمعت صوتا من خلفها.
ميمي: موني, ازيك يا ندلة.
التفتت ترد في سعادة ان وجدت احدا تعرفه.
منى: ميمي, ازيك انت يا بني اخبارك ايه؟.
التف ميمي حول المنضدة التي تجلس عليها وجلس قبالتها.
ميمي: انا تمام الحمد لله, مش هتبطلي انتي بقى ندالة وتغيير ارقام, بس المرة دي الواحد مش عارف يوصل لرقمك.
منى: والله يا ميمي لسه مغيرة الرقم مبقاليش 3 اسابيع, متزعلش مني بجد.
ميمي: لا يا ستي ولا زعل ولا حاجة, بس كنت عايز اباركلك يعني على الخطوبة.
منى: الله يبارك فيك , عقبالك.
ميمي: ربنا يخليكي, واخبار ايمو ايه؟.
منى: تمام الحمد لله, هتلاقيه هنا بس مش عارفة واقف فين.
ميمي: اكيد هشوفه, واخبار البنات ايه؟, انا بكلم ميرنا على طول, بس سارة مختفية زيك كده بالظبط.
منى: الحمد لله هي كويسة, هبقى اسلملك عليها.
ميمي: اهي احسن حاجة فيكي انتي وسارة انها اخدت اخوكي, كده هتفضلو اصحاب طول العمر.
ردت بسخرية.
منى: اه.
ميمي: انا اخر مرة شفتها كانت في....
وتردد قليلا وابتلع كلامه, فاكملت منى.
منى: في كتب كتاب وائل, عارفة, قالتلي.
ابتلع ميمي احراجه في سرعة, واكمل كلامه و كأن لم يكن.
ميمي: وسألتها عليكي.
منى: ماهي قالتلي.
قاطع حديثهما صوت احمد البارد.
احمد: اهلا.
التفت كلاهما للصوت, وقال ميمي في مرح.
ميمي: اهلا يا ايمو, ازيك اخبارك ايه؟.
رد احمد ب"غلاسة".
احمد: انت بتعمل ايه هنا؟.
شعر ميمي بشيء من الحرج وقال.
ميمي: جيت مع نورهان, كل سنة ورشا طيبة.
احمد: مش قصدي في العيد ميلاد, قصدي بتعمل ايه هنا؟, اصلك قاعد مكاني.
شعرت منى بالانزعاج من طريقة كلام احمد, الغير مبالية بمشاعر ميمي الذي
تغيرت ملامحه على الفور, وقام من مقعده في سرعة, وقال محاولا اخفاء احراجه
بالمزاح.
ميمي: مانت مكنتش قاعد, وبعدين ملقتش عليه اسمك,ههههه.
وابتلع باقي ضحكته مع تعبير وجه احمد المستفز,فوجه الكلام لمنى هذه المرة, وقال.
ميمي: ماشي بقى يا موني, كويس اني شفتك النهاردة, عايزين نبقى نسمع صوتك بقى,سلام ياايمو.
وانصرف في احراج, فقال احمد بمجرد ان ابتعد ميمي.
احمد: ايه نسمع صوتك دي؟, اوعي تكوني اديتي الواد المقرف دا نمرتك.
قالت منى بعصبية بمجرد ان نطق احمد.
منى: ايه يا احمد دا الي انت عملته ؟, انت اتجننت, انت قليت زوقك مع ميمي جامد, الولد معملش حاجة, مش تاخد بالك من تصرفات.
رد احمد بغضب.
احمد: انا اخد بالي من تصرفاتي؟, ليه؟, هو انا الي قاعد معاه من غير ما خطيبي يعرف, كأننا حبيبة.
منى: احمد, ايه الي انت بتقوله دا؟, دا ميمي.
احمد: يعني ايه ميمي يعني؟, محرم مثلا؟, مش راجل دا ولا ايه الي انتي قاعدة معاه يا ست الشيخة , يابتاعة عيب وحرام.
قالت منى في انزعاج.
منى: احمد, انت بتقول ايه؟, انا كنت قاعدة مستنياك هنا من اول العيد ميلاد
وانت الي سايبني قاعدة لوحدي, وماصدقت لقيت حد اعرفه, عشان ما اطقش,
وقاعدين وسط الناس, وفي عيد ميلاد اختك, تقول الكلام الغبي دا.
احمد: دا مش كلام غبي يا منى, دا الي انا شفته بعيني.
قامت منى من جلستها وهي ترتعش انفعالا.
منى: لااااااا, دانت بقيت غريب , انا مش قادرة استحمل كلامك دا اكتر من كده, انا ماشية يا احمد.
قام احمد في سرعة ,وجذبها من ذراعها موقفا اياها في سرعة, وهو يقول.
احمد: رايحة فين لوحدك يا هانم؟, انا زي ما خدتك من بيتكو, لازم ارجعك بيتكو.
التفتت اليه وهي تنزع ذراعها من يده في حدة, وقالت وعيناها تدمعان.
منى: ماهو هوا دا الي انت فالح فيه, رايحة فين وجاية منين, واجيبك
واوديكي, لكن اي حساب لاي حاجة تانية, معادش فيه, احمد بتاع زمان خلاص
راح, بقى شوفير وبس, كويس انك لسه بتفهم في الاصول .
وضع كفه في ظهرها يدفعها امامه في رفق.
احمد: بطلي لماضة, واتفضلي قدامي, انتي مش عايزة تروحي, يلا.
سارت منى بسرعة غاضبة امام احمد, وهي تفور من الغيظ, بينما سار هو خلفها في برود, فقالت رشا في هذه اللحظة مخاطبة نورا.
رشا: انا مش قلتلك, على طول متخانقين, مبقوش يطيقو كلمة لبعض, كل يومين بشغلانة, انا قلتله منى خنقة دي مش هتنفعك.
نورا: احسن, يارب يسيبها.
************************
اخذت منى تدور في غرفة ميرنا ذهابا وايابا في عصبية, وهي تبكي,قالت ميرنا بحذر.
ميرنا: انا مش عايزة اقلك ان انا قلتلك ان دا هيحصل.
منى: لا, قولي, انا خلاص هتجن, مبقتش عارفة اعمل ايه, احمد, خلاص, بقى
واحد تاني, مبقتش فاكراله حاجة كويسة ابدا, كله نكد نكد نكد, مبيبطلش
خناق, مبقيناش نطيق نعد مع بعض كويسين ابدا, انا خلاص مبقتش قادرة استحمله.
قالت ميرنا محاولة تهدئتها.
ميرنا: ماهو يمكن انتي بتتخني دماغك معاه شوية؟.
جلست منى وهي تقول.
منى: بتخن دماغي مين, دنا من ايده دي لايده دي, من ساعة ما اتخطبنا, وانا
بسمع كلامه هو بس, ومبقياه على كلام اهلى, يعني ساعة الشغل مثلا, ولا لما
بيمنعني اخرج مع ولاد خالاتي, قال ايه عشان علاء كان بيحبني واحنا صغيرين,
وعملي فيها شغلانة, دنا مخطوبالك انت يا بني ادم,انت مش واثق فيا؟,واخويا
يقولي, انزلي واقله لا , عشان خاطر الاستاذ يستريح, ولا الشارع الي مبقتش
اشوفه الا معاه, والقرف الي هو معيشني فيه ليل مع نهار, لا بقى عندي اصحاب
ولا حتى ينفع اشتكي لحد, الكل هيشمت فيا وهيقولولي تستاهلي, دنا خسيت النص
من الي بيعمله فيا, هو كنت كده ياميرنا, هو ايه ,بيستريح لما بيدمرني
بالشكل دا؟.
ميرنا: متفكريش كده بس يا منى, كلنا بنحبك وهنقف جمبك, محدش هيشمت فيكي.
منى: انتي عارفة يا ميرنا, انا ساعات كتير بفكر اسيبه, مببقاش قادرة
استحمل خلاص, ببقي عايزة اي حاجة تبعدني عن البني ادم دا, دا بقى واحد
تاني, فاكرة ايام الحب ايام الكلية, كل دا راااااح خلاص, بقى غريب, اهم
حاجة عنده اني منزلش لوحدي واني اسمع الكلام وبس, مبقتش اشوف منه معامله
حلوة, مبقتش اسمع كلمة حلوة زي زمان, كأن خلاص, اشتراني وحطني في البيت
واطمن على كده, حاطط تمثال بيسمع كلامه, متأكد اني مش هقدر استغنى عنه,
حتى انا لما بفكر اسيبه, بفكر في اهلي, يعني انا كده هكون اتخطبت
مرتين,و......
ولم تستطع اكمال حديثها, بعد ان خنقتها الدموع, وانفجرت في البكاء, فقالت ميرنا.
ميرنا: لا حول ولا قوة الا بالله, اهدي يا مني طيب, وان شاء الله كل حاجة
هتتحل, يمكن الوضع الي انتو فيه دا عشان حكاية السفر الي راحت عليه,
واعصابه التعبانة, استحمليه الفترة دي , يعني هو سهل عليه ان اصحابه
يسافرو وهو لا!.
منى: منا كنت معاه, ووقفت جمبه, لا واتخانقت مع اهلي ميت خناقة عشان خاطره, وعشان ادافع عنه, ولا دا كله مالوش حساب عنده؟.
ميرنا: معلش يا موني, كل دا هيعدي, بس انتي اصبري شوية, واستحملي وعديله.
وضعت منى وجهها بين كفيها , وهي تبكي.
منى: انا خلااااص, مبقتش قادرة اتنفس اصلا, المشاكل هتموتني خلاص.
ميرنا: ياستي سبيها على ربنا,وربنا يستر عليكو بقى يا منى