آدم عليه السلام أبو البشرية
8 - قصة ابني آدم:
، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } المائدة: 27-30 شرع الله تعالى لآدم عليه السلام, أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال ونهي أن تنكح المرأة أخاها توأمها وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها فكان يولد لآدم في كل بطن ذكر وأنثى, فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر حتى ولد له ابنان يقال لهما: هابيل وقابيل وكان قابيل صاحب زرع وهابيل صاحب ضرع (صاحب غنم) وكان قابيل أكبرهما وكان له أخت أحسن من أخت هابيل فكانت أخت هابيل دميمة قبيحة وأخت قابيل وضيئة ولما طلب هابيل أن ينكح أخت قابيل, فأبى عليه, وقال هي أختي ولدت معي, وهي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوج بها وكان قابيل يفخر على أخيه ويقول: أنا أحق بها منك هي أختي وأنا أكبر منك فأمره أبوه آدم عيه السلام أن يزوجها هابيل فأبى فأراد أن يستأثر بها على أخيه, فأبى آدم ذلك, إلا أن يقربا قرباناً, فمن تقبل منه فهي له قال آدم عليه السلام لهابيل وقابيل: إن ربي عهد إلي أنه كائن من ذريتي من يقرب القربان, فقربا قرباناً حتى تقر عيني, إذا تقبل قربانكما فلما قربا قرب هابيل كبش أعين أقرن أبيض سمين فقرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وقرب قابيل أشر حرثه قرب حزمة سنبل فوجد فيها سنبلة عظيمة, ففركها وأكلها وكان الرجل إذا قرب قرباناً فرضيه الله أرسل إليه ناراً فتأكله, وإن لم يكن رضيه الله خبت النار فانطلق آدم معهما, ومعهما قربانهما, فصعدا الجبل, فوضعا قربانهما ثم جلسوا ثلاثتهم آدم وهما ينظران إلى القربان فأرسل الله ناراً بيضاء حتى إذا كانت فوقهما دنا منها عنق, فاحتمل قربان هابيل, وترك قربان قابيل ويقال أن هابيل كان أنتج له حمل في غنمه, فأحبه حتى كان يؤثره بالليل, وكان يحمله على ظهره من حبه, حتى لم يكن له مال أحب إليه منه, فلما أمر بالقربان قربه لله عز وجل فقبله الله منه فتقبل من هابيل الكبش فخزنه في الجنة وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام وفدي به ابنه إسماعيل ولم يتقبل من قابيل وعلم آدم أن قابيل مسخوط عليه, فقال: ويلك يا قابيل رد الله عليك قربانك فقال قابيل لآدم عليه السلام أحببت هابيل فصليت على قربانه ودعوت له فتقبل قربانه ورد علي قرباني فقال قابيل لهابيل لأقتلنك وأستريح منك ولا تنكح أختي فقد دعا لك أبوك فصلى على قربانك فتقبل منك وكان يتوعده بالقتل إلى أن احتبس هابيل ذات عشية في غنمه, فقال آدم: يا قابيل, أين أخوك ؟ قال: وبعثتني له راعيا لا أدري, فقال آدم: ويلك يا قابيل, انطلق فاطلب أخاك, فقال قابيل في نفسه: الليلة سأقتله فقال: يا هابيل تقبل قربانك ورد علي قرباني لأقتلنك أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قرباناً فتقبل منك ورد علي, فلا والله لا ينظر الناس إلي وأنت خير مني فقال هابيل: ما ذنبي ؟ قربت أطيب مالي, وقربت أنت أخبث مالك وإن الله لا يقبل إلا الطيب إنما يتقبل الله من المتقين فلما قالها غضب قابيل وقال لأقتلنك قال هابيل لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ولا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله فأكون أنا وأنت سواء في الخطيئة إني أخاف الله رب العالمين بل سأصبر وأحتسب فسولت له نفسه وشجعته على قتل أخيه فأخذ برأسه ليقتله فاضطجع له وجعل يغمز رأسه وعظامه ولا يدري كيف يقتله, فجاءه إبليس فقال: أتريد أن تقتله ؟ قال: نعم. قال: فخذ هذه الصخرة فاطرحها على رأسه فرفع قابيل الصخرة فشدخ بها رأسه فقال هابيل: ويلك يا قابيل, أين أنت من الله كيف يجزيك بعملك ؟ فمات فتركه بالعراء ثم جاء إبليس إلى حواء مسرعاً فقال: يا حواء إن قابيل قتل هابيل, فقالت له: ويحك وأي شيء يكون القتل ؟ قال: لا يأكل ولا يشرب ولا يتحرك, قالت: ذلك الموت. قال: فهو الموت, فجعلت تصيح حتى دخل عليها آدم وهي تصيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها, لأنه كان أول من سن القتل" ترك قابيل أخاه بالعراء, ولا يعلم كيف يدفن ولم يدر كيف يواريه, وذلك أنه كان أول قتيل في بني آدم, وأول ميت فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا, فقتل أحدهما صاحبه, فحفر له ثم حثى عليه بالتراب فلما رآه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوآة أخي فأصبح من النادمين فعرف قابيل كيف يدفن أخاه، فدفنه وهو حزين أشد الحزن لأنه لم يعرف كيف يدفن جثة أخيه هذا ما حدث لقابيل وهابيل بسبب الحسد والتكبر وحب الذات حتى قتل قابيل أخاه ظلمًا وعدوانًا ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة والظاهر أن قابيل عوجل بالعقوبة, كما ذكره مجاهد وابن جبير أنه علقت ساقه بفخذه إلى يوم القيامة, وجعل الله وجهه إلى الشمس حيث دارت عقوبة له وتنكيلاً به, وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم" وقد اجتمع في فعل قابيل هذا وهذا, فإنا لله وإنا إليه راجعون) تفسير ابن كثير)
وللحديث بقية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |