بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
مقدمة
الحمد
لله رب العالمين ، أم نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب ، وصلى الله على محمد
وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليماً إلى يوم الدين ... أما بعد :
فقد أمر
الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهاراً لزينة لغير المحارم خوفاً
عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا
لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو
إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو
التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات
النساء" . فهؤلاء الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم
وهي كاشفة عن وجهها وكفيها ونحوهما؛ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز
لها ذلك.
ثم جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين قد استثنيا واستدلوا بهذه
الآية : " ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها" وبعض الأحاديث كحديث أسماء ،
وحديث سفعاء الخدين ، وقصة الخثعمية ، ونهيه – صلى الله عليه وسلم – أنت
تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة ، وقصة الواهبة وغيرها من الروايات.
لذا عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب
والسنة وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله ، ثم أذكر الأدلة الثابتة في
وجوب ستر الوجه والكفين عن غير المحارم منم ذلك أيضاً.
أدلة المبيحين والرد عليهالله رب العالمين ، أم نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب ، وصلى الله على محمد
وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليماً إلى يوم الدين ... أما بعد :
فقد أمر
الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهاراً لزينة لغير المحارم خوفاً
عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا
لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو
إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو
التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات
النساء" . فهؤلاء الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم
وهي كاشفة عن وجهها وكفيها ونحوهما؛ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز
لها ذلك.
ثم جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين قد استثنيا واستدلوا بهذه
الآية : " ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها" وبعض الأحاديث كحديث أسماء ،
وحديث سفعاء الخدين ، وقصة الخثعمية ، ونهيه – صلى الله عليه وسلم – أنت
تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة ، وقصة الواهبة وغيرها من الروايات.
لذا عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب
والسنة وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله ، ثم أذكر الأدلة الثابتة في
وجوب ستر الوجه والكفين عن غير المحارم منم ذلك أيضاً.
أولاً :
يستدلون بآية سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها" وأن ابن عباس
فد فسرها بأنها الوجه والكفان ، ويرد عليهم أن ابن مسعود قد قال – في
تفسير هذه الآية " إلا ما ظهر منها " بأن المقصود هو الرداء والثياب ،
وقال بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الحسن، وابن سيرين ، وأبو الجوزاء ،
وإبراهيم النخعي ، وغيرهم. وقال ابن كثير في تفسيرها: أي لا يظهرن شيئاً
من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وهذا الذي رجحه الشنقيطي في
تفسيره أضواء البيان حيث قال – رحمه الله - : " إن قول من قال في معنى "
ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " أن المراد بالزينة الوجه والكفان
مثلاً ، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي أن الزينة في
لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها : كالحلي
والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه
إلا بدليل يجب الرجوع إليه.
ثانياً :
يستدلون بحدث أسماء – رضي الله عنها – فعن عائشة – رضي الله عنها – أن
أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب
رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا أسماء إن
المرأة إذا بلغت المحيض لم يضح أن يُرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه
" ويرد عليهم بأن هذا الحديث ضعيف جداً كما قال بذلك أهل العلم ، وهو مرسل
؛ لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة – رضي الله عنها – فالسند منقطع .. ورد
سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله ورعاه –
هذا الحديث بخمسة أوجه حيث قال سماحته:
1. إن الراوي عن عائشة المسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة ، فالحديث منقطع، والحديث المنقطع لا يُحتج به لضعفه.
2. إن في إسناده رجلاً يُقال له سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يُحتج بروايته.
3.
إن قتادة الذي روى عن خالد بالعنعنة وهو مدلس يروي عن المجاهيل ونحوهم
ويُخفي ذلك ، فإذا لم يصرح بالسماع صارت روايته ضعيفة.
4. إن الحديث ليس فيه التصريح أن هذا كان بعد الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل الحجاب.
5.
إن أسماء هي زوج الزبير بن العوام ، وهي أخت عائشة بنت الصديق وامرأة من
خيرة النساء ديناً وعقلاً، فكيف يليق بها أن تدخل على النبي – صلى الله
عليه وسلم وهي إمرأة صالحة في ثياب رقاق مكشوفة الوجه والكفين وزيادة على
ذلك بثياب رقيقة وهي التي تُرى عورتها منها فلا يُظن بأسماء أن تدخل على
النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الحال في ثياب رقيقة ترى من ورائها
عورتها فيعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لها عليك أن تستري كل
شيء إلاّ الوجه والكفين.
معنى هذا أنها دخلت على النبي صلى الله عليه
وسلم وهي كاشفة لأشياء أخرى من الرأس أو الصدر أو الساقين أو ماشابه ذلك ،
وهذا الوجه الخامس يظهر لمن تأمل المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكراًً
لا يليق أن يقع من أسماء رضي الله عنها.
ثالثاً :
يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله
عليه وسلم عندما قال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امراة من سطة
النساء سفعاء الخدين فقالت لم يارسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة
وتكفرن العشير" إلخ ، والحديث صحيح أخرجه النسائي.
ويُرد عليهم بما
ذكره الشيخ المحدث مصطفى العدوي – حفظه الله – في كتابه ( الحجاب أدلة
الموجبين وشبه المخالفين ) في ص (40):
"والصواب أنها ( امرأة من سفلة النساء) ثم ذكر ثمانية أوجه كلها تدل على
أو الرواية الصحيحة هي ( امرأة من سفلة النساء) ثم قال وفقه الله في ص
(41) : فعلى هذا فقوله: " امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين ) أي ليست من
علية النساء بل من سفلتهم ، وهي سوداء ، هذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية
إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر ، وعليه فلا دليل في هذا
لمن استدل به على جواز كشف المرأة ؛ إذ أنه يُغتفر في حق الإماء ما لا
يغتفر في حق الحرائر ... وقد فسر سفعاء الخدين بأنها جرئية ذات جسارة
ورعونة وقلة احتشام.
رابعاً :
يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم فطفق
الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل
ينظر إلها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها .. إلخ ،
فقالوا : لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة
أن تعطي وجهها.
ويرد عليهم أن المرأة كانت محرمة ، والمحرمة لا يجب
عليها أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلاً كما جاء عن
عائشة رضي الله عنها،في حجة الوداع (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع
الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من
رأسها فإذا جاوزناه كشفناه) ويرد عليهم أيضاً بما قاله الشيخ حمود
التويجري – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته – في كتابه " الصارم المشهور
على التبرج والسفور" ص (232) : وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن
عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن
قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة ؛ وفي
الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من
أطرافها.
خامسا :
يستدلون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين
في الإحرام ، ويرد عليهم أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام فقط
، فدل ذلك على أن النساء كن في عند النبي صلى الله عليه وسلم يسترن وجوههن
وأيديهن عن الرجال الأجانب بعد نزول آيات الحجاب ، ومع هذا كله فالواجب
على المرأة أن تستر وجهها إذا حاذاها الرجال كما كانت تفعل عائشة وأمهات
المؤمنين عندما كانت إحداهن تغطي وجهها وهي محرمة عند المرور بين الرجال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : هذا مما يدل على أن النقاب
والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك بمقتضى ستر وجوههن
وأيديهن.
سادسا :
يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتهب نفسها
فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها .. إلخ ، ويرد
عليهم أن هذه المرأة جاءت تعرض نفسها ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك كشفت وجهها ليراها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمر الخاطب أن
ينظر إلى مخطوبته، بل هذا دليل عليهم كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله
: " وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. أي أنه يجوز للخاطب أن
ينظر إلى مخطوبته بقدر ما يسمح له من الوجه والكفين أما غيره فلا يجوز.
والصحيح أنها كانت محجبة، وإنما نظر إلى حسن قوامها وقدها وبدنها وطولها
أو قعرها مع تسترها.
وقبل أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة
المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان أود أن أذكر القاريء
الحبيب أن النساء كن على عند النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن وجوههن حتى
نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر الجسد لقول عائشة أم المؤمنين
رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن المعطل السلمي عرفني حين رآني ،
وكان قد رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي
بجلبابي. فلا يُستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل بها أولئك قبل
نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله ؛
خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة ، كما قال ابن كثير
– رحمه الله .
يتبع
يستدلون بآية سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها" وأن ابن عباس
فد فسرها بأنها الوجه والكفان ، ويرد عليهم أن ابن مسعود قد قال – في
تفسير هذه الآية " إلا ما ظهر منها " بأن المقصود هو الرداء والثياب ،
وقال بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الحسن، وابن سيرين ، وأبو الجوزاء ،
وإبراهيم النخعي ، وغيرهم. وقال ابن كثير في تفسيرها: أي لا يظهرن شيئاً
من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وهذا الذي رجحه الشنقيطي في
تفسيره أضواء البيان حيث قال – رحمه الله - : " إن قول من قال في معنى "
ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " أن المراد بالزينة الوجه والكفان
مثلاً ، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي أن الزينة في
لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها : كالحلي
والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه
إلا بدليل يجب الرجوع إليه.
ثانياً :
يستدلون بحدث أسماء – رضي الله عنها – فعن عائشة – رضي الله عنها – أن
أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب
رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا أسماء إن
المرأة إذا بلغت المحيض لم يضح أن يُرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه
" ويرد عليهم بأن هذا الحديث ضعيف جداً كما قال بذلك أهل العلم ، وهو مرسل
؛ لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة – رضي الله عنها – فالسند منقطع .. ورد
سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله ورعاه –
هذا الحديث بخمسة أوجه حيث قال سماحته:
1. إن الراوي عن عائشة المسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة ، فالحديث منقطع، والحديث المنقطع لا يُحتج به لضعفه.
2. إن في إسناده رجلاً يُقال له سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يُحتج بروايته.
3.
إن قتادة الذي روى عن خالد بالعنعنة وهو مدلس يروي عن المجاهيل ونحوهم
ويُخفي ذلك ، فإذا لم يصرح بالسماع صارت روايته ضعيفة.
4. إن الحديث ليس فيه التصريح أن هذا كان بعد الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل الحجاب.
5.
إن أسماء هي زوج الزبير بن العوام ، وهي أخت عائشة بنت الصديق وامرأة من
خيرة النساء ديناً وعقلاً، فكيف يليق بها أن تدخل على النبي – صلى الله
عليه وسلم وهي إمرأة صالحة في ثياب رقاق مكشوفة الوجه والكفين وزيادة على
ذلك بثياب رقيقة وهي التي تُرى عورتها منها فلا يُظن بأسماء أن تدخل على
النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الحال في ثياب رقيقة ترى من ورائها
عورتها فيعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لها عليك أن تستري كل
شيء إلاّ الوجه والكفين.
معنى هذا أنها دخلت على النبي صلى الله عليه
وسلم وهي كاشفة لأشياء أخرى من الرأس أو الصدر أو الساقين أو ماشابه ذلك ،
وهذا الوجه الخامس يظهر لمن تأمل المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكراًً
لا يليق أن يقع من أسماء رضي الله عنها.
ثالثاً :
يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله
عليه وسلم عندما قال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امراة من سطة
النساء سفعاء الخدين فقالت لم يارسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة
وتكفرن العشير" إلخ ، والحديث صحيح أخرجه النسائي.
ويُرد عليهم بما
ذكره الشيخ المحدث مصطفى العدوي – حفظه الله – في كتابه ( الحجاب أدلة
الموجبين وشبه المخالفين ) في ص (40):
"والصواب أنها ( امرأة من سفلة النساء) ثم ذكر ثمانية أوجه كلها تدل على
أو الرواية الصحيحة هي ( امرأة من سفلة النساء) ثم قال وفقه الله في ص
(41) : فعلى هذا فقوله: " امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين ) أي ليست من
علية النساء بل من سفلتهم ، وهي سوداء ، هذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية
إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر ، وعليه فلا دليل في هذا
لمن استدل به على جواز كشف المرأة ؛ إذ أنه يُغتفر في حق الإماء ما لا
يغتفر في حق الحرائر ... وقد فسر سفعاء الخدين بأنها جرئية ذات جسارة
ورعونة وقلة احتشام.
رابعاً :
يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم فطفق
الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل
ينظر إلها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها .. إلخ ،
فقالوا : لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة
أن تعطي وجهها.
ويرد عليهم أن المرأة كانت محرمة ، والمحرمة لا يجب
عليها أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلاً كما جاء عن
عائشة رضي الله عنها،في حجة الوداع (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع
الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من
رأسها فإذا جاوزناه كشفناه) ويرد عليهم أيضاً بما قاله الشيخ حمود
التويجري – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته – في كتابه " الصارم المشهور
على التبرج والسفور" ص (232) : وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن
عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن
قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة ؛ وفي
الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من
أطرافها.
خامسا :
يستدلون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين
في الإحرام ، ويرد عليهم أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام فقط
، فدل ذلك على أن النساء كن في عند النبي صلى الله عليه وسلم يسترن وجوههن
وأيديهن عن الرجال الأجانب بعد نزول آيات الحجاب ، ومع هذا كله فالواجب
على المرأة أن تستر وجهها إذا حاذاها الرجال كما كانت تفعل عائشة وأمهات
المؤمنين عندما كانت إحداهن تغطي وجهها وهي محرمة عند المرور بين الرجال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : هذا مما يدل على أن النقاب
والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك بمقتضى ستر وجوههن
وأيديهن.
سادسا :
يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتهب نفسها
فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها .. إلخ ، ويرد
عليهم أن هذه المرأة جاءت تعرض نفسها ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك كشفت وجهها ليراها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمر الخاطب أن
ينظر إلى مخطوبته، بل هذا دليل عليهم كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله
: " وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. أي أنه يجوز للخاطب أن
ينظر إلى مخطوبته بقدر ما يسمح له من الوجه والكفين أما غيره فلا يجوز.
والصحيح أنها كانت محجبة، وإنما نظر إلى حسن قوامها وقدها وبدنها وطولها
أو قعرها مع تسترها.
وقبل أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة
المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان أود أن أذكر القاريء
الحبيب أن النساء كن على عند النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن وجوههن حتى
نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر الجسد لقول عائشة أم المؤمنين
رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن المعطل السلمي عرفني حين رآني ،
وكان قد رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي
بجلبابي. فلا يُستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل بها أولئك قبل
نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله ؛
خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة ، كما قال ابن كثير
– رحمه الله .
يتبع