بينما كنت جالسة أسامر القمر في وحدتي بدأت أفكار تراودني شعرت بأنّي مكبّلة اليدين، وأصرخ دون ان أسمع صوتي..
كان هذا الشعور حكم عليّ من ضميري فوجدته متجسداً أمامي
مقطّب الجبين، مطرق الرأس فتارة ينظر إليّ يؤنبني وطوراً يوبخني وكأنني
مجرم يتعرض لمحاكمة.. فما كان منيّ إلا ان بادرت الحديث بقولي :" ما بك
تحدّق إليّ بهذا المنظر وكأن صدر الحكم عليّ بالإعدام، فأنا لا افعل سوى
تأمّل هذا القمر الساطع في هذه الليلية البهيّة"
فما كنا منه سوى ان قال:" وهل تعتقيدن بان هذا العمل طبيعي؟ ألا تدري بان هذا جرم وسرقة ترتكبيها بحق غيرك من الأشخاص؟"
وهنا بدأت ملامحي تتغير وبدت أشعر بالضيق والإشمئزاز من هذا الضيف الثقيل فقلت:" ولما سرقة؟ هذا حقي كسائر الأشخاص".
قهقه الضمير بصوت عالٍ وضحكة ساخرة وقال:" سوف أسألك سؤالاً فجاوبي بكل صراحة هل تشعرين بأنك حقّقتي ذاتك؟؟؟"
فقلت وما هذا السؤال ماذا تقصد؟
فقال إذاً إجيبي: هل ساعدّتي رجلاً قصدك بحاجة فساعدته رغم رفض المجتمع لهذه الفكرة؟
قلت :لا
قال: هل وقفتي في وجه الظلم وقلتي كلاّ وتعرضتي لمشكلة بسبب رأيك الصريح؟
قلت: لا خوفاً من المشاكل
قال: هل قلتي يوماً حقيقي كان من المفروض أن تقوليها ولو ذلك كان قد شبّب لك المشاكل.
قلت وقدّ احمرّ وجهي وبدا العرق يتصبب من جبيني: كلا حضرة الضمير
قال: هل انت مستعدّة للقيام بأي شيء تعتبيرنه صحيح مع ان جميع من حولك يرغمك على تركه؟
قلت: أيضاً كلا
فقال: إذاً أتشعرين الآن بعد هذا الحديث انّك ذات شخصيّة مستقلة؟ وأنك حقّقتي ذاتك؟
فقلت وقد شعرت بقلّة أهميتي في المجتمع : لا أنا شخصاً
ضعيفاً، آكل وأنام لم أقل الحق لو تعرّضت لمشاكل، لم أساعد غيري، لم أثور
وأغير فمعك حق أنا شخص لا أستحق التمتع بجمال الطبيعة فهي حق كل إنسان
كادح وعامل، كل إنسان ينفّذ ولا يتكلم..
وانتهى الحوار بقوله انا الضمير الحي في قلب كل انسان وهذا هو دوري واختفى كملاك من خلف الغيوم..
وبقيت الليلة كلّها وأنا أفكّر بما حصل وقررت ان أبدا
بيتغير نوعيّة حياتي ولو كان ببطئ شديد جداً.. فالسير ببطئ افضل من الوقوف
تماماً..
وأنتم إخوتي الأعزاء إذا حصل معك الحادث ذاته فهل نحن
راضين عن نفسنا؟ ونشعر بأننا كيان مستقل نستطيع تدبير الامور بكل حريّة
وصدق أياً كانت المشكلة صعبة او سهلة؟؟؟
****
منقول