لقد وجدت الدول النـامية نفسهـا بعد استقلالها مبـاشرة في فترة الخمسينـات
و الستينـات بقـاعدة اقتصادية هشة و كانت لازمة عليهـا الخروج من هذا
الوضع و محـاولة بنـاء إقتصديـاتهـا، وقد أصطد مت بواقع أنهـا تفتقرالى
السيولة اللازمة لذا كانت عليهـا اللجوء إلى هيئـات الدولية في ذلك الفترة
و بالفعل تحصلت على التمويل نظرا للأستقرارالأقتصـادي الذي كـان يعرفه
العـالم آنذاك هذا من جهة و لحـاجة الدول المصنعة للمواد الأولية المتوفرة
لدى الدول النامية من جهة أخرى و قد تحصلت عليها بمبالغ طائلة و بأسعار
فائدة ميسرة على أمل أن تسـاعدها على النصوص بالتنمية .
و بالفعل اتبعت الدول النامية سياسات مختلفة كانت في الغالب غير مناسبة
بهدف تنمية اقتصادها لكن وقع أن الدول المصنعة مولتها لتبقى تابعة لها
ولتجد أسواقا جديدة لتصريف منتجاتها وهذا دون أن تفسخ لها المجال لتصدير
هذا ما فجر أزمة المديونية الخارجية الدول النامية في صائفة 1982 التي
كـادت أن تقضى على النظام المالي العالمي القائم، فهي تعتبر أكبر مشكلة
يواجههـا العالم اليوم بعد أزمة 1929 م التي انتهت بحرب مدمرة .
و في خصم هدا الوضع اضطرت الدول النـامية الافتراض مجددا لكن هذه المرة
الأموال المقترضة موجهة أسـاسا للاستهلاك من أجل تغطية الحـاجيات الوطنية
الاستهلاكية هذا ما زاد من حجم الديون خاصة قصيرة للجل منها الأمر الذي
زاد من خدمـات الديون و التي صـارت تتجاوز الديون نفسها حيث صارت تلتهم
الجزء الأكبر من موارد الصادرات التي لم تكون كافية لعدم تنوعها واعتمادها
على قطاعات معينة .
و الجزائر مثل مثيلاتها ليست بمعزل عن هذه الأزمة لأنها أيضـا اتجهت إلى
التمويل الخارجي غداة الاستقلال أصـافة إلى مدا خيل البترول و التي
استعملتها في القطاع العام و الصناعات الثقيلة و قد تلقت الجزائر صدمة
كبيرة نظرا لأعتمادتها على القطاع المحروقـات عند حدوث انخفاض رهيب في
أسعار البترول أثنـاء الثمانينات بتحديد سنة 1986 و هذا بعد تعرضها لصدمة
أولى أثنـاء السبعينـات خلال صدمة البترولية سنة 1973 .
أهمية الموضوع:
من خلال هذه الدراسة نتمكن من معرفة المسببات الأساسية أزمة لمديونية
الخارجية في العالم ومعرفة أثارها علي مختلف الأرصدة كما نتمكن من تقييم
السياسات المنهجية لمعالجة من خلال تحليلها و كذا معرفة الإجراءات الجديدة
التي تجري استعمالها.
أهداف الدراسـة :
نهدف من خلال دراستنا المديونية إلى:
1- معرفة و تحليل أسبـابهـا الحقيقية المبـاشرة و غير المبـاشرة .
2- تقييم مختلف السياسات المتبعة معالجتها سواء من الجزائر او غيرها من الدول و هذا مع تحليلهـا .
إشكالية البحث:
إن إشكالية بحثنـا هذا تتمحور حول :
كيف وصلت المشكلة المالية المتمثلة في الديون الخارجية إلى مآلت أليه ؟
و ماذا فعلت الجزائر في مواجهة هذا الوضع الذي يهدد النظام العالمي ؟
و إذا ما قامت هذه الدول بأخص الجزائر يدفع ما عليها دفعت واحدة خاصة و أن
مداخليها تحسنت و صارت تغطى إجمالي الديون و خدماتها ؟
أسئلة الفرعيـة:
الإجابة على إشكالية البحث فإننا نحتاج إلى إجابة عن الأسئلة الفرعية التالية:
1- ما هي المديونية ؟ و ما هي أهم أسباب و أثـار الأزمة على الدول العالم الثالث ؟
2- ما هي السياسات التي أتبعتها حكومات الدول النامية و المستحدثة منها لمواجهة الأزمة ؟
3- ما هو وضع المديونية الخارجية في الجزائر .
الفرضيات:
بحثنـا يتطلب اعتماد على عدد من الفرضيات هي كما يلي:
1- أزمة المديونية تحدث عند عجز المدين عن دفع ديونه المستحقة و عدم كفاءة
السياسات الاقتصادية و السلطات هي أساس تفجر هذه الأزمة ووصولها إلى ما هي
عليه.
2- اعتمدت الدول على حلول المقترحة من خلال صندوق النقد الدولي و البنك
العالمي للخروج من الأزمة دوت تبني السياسات داخلية جديدة.و تعتبر الدول
اليوم على قيام الدول الدائنة بمسح ديونها .
3- تحاول الجزائر الآن الخروج من الأزمة بحذر و تقليص مديونياتها حتى تصل إلى أدنى المستويـات في المستقبل القريب.
مجـال و جدول الدراسات :
ستنحصر دراستنـا خاصة في العشرين سنة الماضية حيث عرفت أحداثـا كبرى من
بينها انفجار أزمة التي ستلقى الضوء على أهم مسببـاتهـا و طرق معالجتهـا و
كذا تطوره.
المنهج و أدوات الدراسـة :
للوصول إلى الأهداف المسطرة سنتبنى المناهج التالية :
المنهج الوصفي : للتعريف على ظروف و ملابسات الأزمة و أجواء تطورهـا .
المنهج التحليلي: لمعرفة مسببات الأساسية للأزمة ومدى نجاحه السياسات المتبعة لمواجهتها.
المنهج الإحصائي:من خلال الإحصائيات المقدمة و التي تساعد على المتابعة الجيدة الموضوع.
المنهج الأستنتاجي : للوصول إلى الأهداف المسيطرة في البحث.
وصف الخطة:
سنتطرق فيه إلى الموضوع من خلال ثلاث مباحث.
المبحث الأول: نحاول التعرف إلى المديونية و تحليل مراحلها و تطورها خلال السنوات دون أن ننسى أسباب المديونية.
المبحث الثاني: نعالج فيه أثار المديونية على اقتصاديات الدول و حلول المقترحة لمعالجة المديونية الخارجية.
أما البحث الثالث سنتطرق فيه إلى أزمة المديونية الخارجية الجزائرية نتعرف
من خلاله على مسبباتها و أثار الأزمة و كذا تطور الدين الخارجي الجزائري و
مختلف الإجراءات
المستخدمة لمعالجة الأزمة مع اقتراحات لمواجهتها.
مفهوم المديونيـة الخارجية و تحليلهـا .................................................. ................
المبحث الأول:مفهوم المديونية الخارجية و تحليلهـا.
نتيجة لتزايد حدة أزمـة المديونية الخارجية لدول النامية وامتداد أثـارها
إلى أطراف الدائنة مع تعرض النظام المصرفي الدولي بوجه خـاص إلى العديد من
المخـاطر و جب التعرف إلى الدين الخارجي و حيثياته من مراحل وأسباب.
المطلب الأول: تعريف المديونية الخارجية:
الدين أو استدانة بصفة عامة هي عملية يلجا إليها الشخص عندما يكون عاجزا
عن متطلبات للأنفاق اعتمادا فقط على موارده المالية الخاصة وقد يحدث أن
تكون هذه العملية اضطرارية أو يحدث أن تكون مؤقتة أو أن تكون مستمرة وفي
جميع الحالات فإن الاستدانة
ليست دائما ملجأ للشخص الضعيف فرادا كان أو مؤسسة أو دولة وإنما هو سلوك
مطلق في العمل الاقتصادي و كثيرا ما يلجأ إليها الشخص القوي لكن الهدف
يختلف بسبب الأقويـاء و ضعفاء .
أما المديونية الخارجية على وجه الخصوص فليس لها تعريف دقيق لكن هناك
تعريف انفردت به ثلاث هيئـات دولية هي صندوق النقد الدولي.البنك العالمي
منظمة التعاون و التمنية وقد اقترحت سنة 1984 ومضمونة هي:
المديونية الخارجيةالأجمالية تساوي في تاريخ محدد إلى مجموع التزامات
التعاقدية الجارية التي تسمح بتسديد المقيمين لدولة ما إزاء غير المقيمين
و المستوجبة ضرورة دفع الأصل (رأس المال) مع أو بدون فوائد أو دفع الفوائد
مع أو بدون تسديد الأصل
المطلب الثاني:مراحل الأزمة المديونية
ترجع جذور المديونية الخارجية في الدول النامية إلي المراحل الكبرى التي
مرت بها العلاقات بين هذه الدول الصناعية و علي الأخص إلي مرحلة النشؤ
وتطوير رأسمالية احتكار التمويل التي زادت من درجة تبعية الدول النامية
للدول الصناعية الرأسمالية وبشكل عام يمكن النضر للمديونية في أفاقها عبر
ثلاث مراحل من النمو:
المرحلة الأولى: ما قبل الحرب العالمية الثانية
تمتد هذه المرحلة بين عام 1820 -1840 وهي تاريخيا مرحلة ذات حركة دولية
عالمية للرساميل وتميزت بتصدير كثير من الرساميل من جانب بريطانيا و فرنسا
وتوجه جزء من هذه الرساميل نحو البلدان الجديدة آنذاك وجزء أخر لبلدان
العالم الثالث الخاضعة للامبرطوريات الاستعمارية كم شهدت نهاية السبعينات
تطورا مفرطا في ديون الإمبراطورية العثمانية و مصر هنذاك البلدان قد اتبعا
سياسة تحديث الاقتصادي حمولة
مفهوم المديونيـة الخارجية و تحليلهـا .................................................. .................
بقروض خارجية و أدى إلى أزمة ناجمة عن الديون حيث وقعت الامبرطورية العثمانية في أزمة حقيقية .
أما في بداية القرن عقب الحرب العالمية الأولى فقد تم تحديث الحركات
الأولية للرساميل و كانت الولايات المتحدة الأمريكية البلد الدائن الأساسي
بالنسبة لبقية العالم وفي ملفات مخزون الديون الدولية نجد في عدد البلدان
الأساسية :كندا- استراليا – الهند إلا أن الحدث البارز في هذه المرحلة هو
أزمة الاقتصادية الدولية التي بدأت في و.م.أ.عام 1929 وسميت بأزمة
الثلاثينات وقد أدت الأزمة بالدرجة الأولى إلى هبوط مدا خيل صادرات
البلدان المدينة بسبب الركود في البلدان الصناعية و صعود سياسة الحماية و
انهيار أسعار المواد الأولية مما أدى في نهاية الأمر إلى تفجر أزمة الديون
وكانت أزمة الديون دولية ذات مدى عالمي و قد عملت البلدان المدينة في
المرحلة الأولى لتجاوز أزمة السيولة وخاصة بمحاولة الحصول على الاعتمادات
لأجل قصير من المصارف الغربية لتنمية خدمة ديونها و بسبب عدم حصول على تلك
الاعتمادات دخل معظمها في مرحلة عجز عن الدفع منذ عام 1931و توقعت عنها
حركة تصدير الرساميل وبصورة إجمالية فقد شكلت مرحلة الثلاثينات منطلقا
لكثير من التعديلات المتعلقة بالتدفقات المالية الدولية
.
المرحلة الثانية: ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الثمانينات
يشير استعراض الأوضـاع الاقتصادية الأولية خلال هذه الفترة أنها شهدت
تغيرات عظيمة أبتداءا من توقيع على إتفقية (برتزوودز)التي بوجبتها تم
أصاغت نظام اقتصادي جديد من مختلف العناصر الاقتصادية ووضع أسعار ثابتة
لصرف قابلة للتحويل ضمن حدود معينة و كذلك تشجيع التدفقات الأولية لرأسمال
للأغراض الإنتاجية و تبع ذلك أنشـاء مؤسسات دولية تفي بهذا الغرض مثل
البنك الدولي لغرض إعادة تعميرمادمرته الحرب العالمية الثانية كذلك إنشاء
صندوق و ذلك لإعطاء أكبر قدرة ممكن لتحقيق السيولة الدولية ألا أن أهم ما
شاهدته بدايات هذه الفترة و خاصة على الصعيد الدول النامية فقد حصلت
الكثير من الأقطـار استقلالها السيـاسي و بالتالي اندفعت لتحقيق تنميتها
الاقتصادية ففي العام 1955 كانت المعطيات تسير إلى أن ديون البلدان
النامية كانت بحدود
(08 مليارات دولارات) و بنهاية الخمسينات كانت هذه الديون قد تضاعفت بسبب
حصول عدد من الدول على استقلال و في الستينات تابعت الدول النامية
الارتباط بشكل رئيسي بالمساعدة العامة للتنمية لتامين تمويل نموها آنذاك
الأمر الذي أدى إلى سرعة تنمي ديونها الخارجية حيث بعد هذه الديون 36
مليار دولار في عام 1967 و 66 مليار دولارا في 1970 غير إن هذه الديون لم
تهدد الحياة الاقتصادية وقد ابتسمت بعدم الاستقرار الاقتصادي
الدول عكس ما كانت عليه في الستينات و الخمسينات.
المرحلة الثالثة:الثمانينات و حتى الوقت الحاضر مرحلة الأزمة.
شهدت هذه المرحلة بداية الانطلاق نحو مأزق المديونية الدولية فقد أدت
المرتفعة لإقراض البلدان النامية خلال عقد السبعينات مع تدهور نموها
المالية في بداية الثمانينات أي حدوث الأزمة و قد ظهرت بوادر الأزمة
أبتداءا من بولندا عام 1981 حينما تبين بأنها ليس بمقدورها دفع ما ترتب
عليها من فوائد لقروضها الخارجية أي ان هذه الأزمة طالت حديث منعزلا .و لم
تؤدي إلى إثـارة الدول حول المواضيع الإجمالية لتحويلات الدولية إلا أن
الأزمة الديون تكررت في المكسيك في 1982 حينما تبين أنها غير قادرة على
مواجهة ألتزمتها الدفع و اعتبارا في هذا التاريخ انهارت ثقة المصاريف
بالقدرة المالية لجملة البلدان المدينة الأساسية و ترجمت النتيجة المباشرة
بتعبير موقف المصارف حبال مدينين من الدول النامية بإتجاها الإجراءات .
و تشير الإحصائيات إلى أن مجموع الدين الخارجي لهذه الدول قد تضاعفت خلال
فترة(80-2000)حيث وصلت في عام 2000 إلى 2120.9مليار دولار.
و الدول النامية تطورت في ديون كبيرة و تقلصت حصلها العملات الأجنبية
والاحتياطات الدولية و اضطرت إلى استقبال بعثات ص ن د و بنك دولي .
و ص ن د أصبح ليس له أهمية بسبب القروض الضئيلة التي يمنحها لكن الدولة
تمنح شهادة حسن السلوك من أجل حصول على قروض جديدة لإعادة جدولة القروض.
بقلمي/
باحث اقتصادي